”حراس التاريخ على ضفاف النيل“
على الضفة الغربية لنهر النيل، بالقرب من مدينة الأقصر، يقف تمثالان عملاقان في مشهد مهيب يخطف الأنفاس. إنهما تمثالا ممنون، من أضخم وأقدم المعالم التي تركتها لنا الحضارة المصرية القديمة. تخيل أن هذين التمثالين بُنيا منذ أكثر من 3000 سنة، وتحديدًا في عهد الفرعون أمنحتب الثالث، حوالي سنة 1350 قبل الميلاد!
من هو أمنحتب الثالث؟
أمنحتب الثالث لم يكن فرعونًا عاديًا. كان واحدًا من أعظم ملوك مصر في عصرها الذهبي. وخلال فترة حكمه، شهدت مصر ازدهارًا غير مسبوق في الفن والعمارة. ولتكريم هذا الفرعون، تم بناء مجمع معابد ضخم على الضفة الغربية للنيل... لكن مع مرور الزمن، لم يبقَ منه إلا هذين التمثالين العملاقين.
تماثيل عملاقة بكل ما للكلمة من معنى
كل تمثال يبلغ ارتفاعه حوالي 18 مترًا! وهما يصوّران أمنحتب الثالث جالسًا على عرشه، يداه على ركبتيه، وعيناه تنظران نحو الشرق، حيث تشرق الشمس كل صباح. بجانب ساقيه، نرى نقوشًا دقيقة تُصوّر شخصيات أصغر حجمًا، يعتقد أنها تمثّل زوجته الملكة "تيي" وأولاده.
كيف صُنعت هذه التماثيل؟
المثير للدهشة أن التمثالين نُحتا من حجر الكوارتزيت، وهو حجر صلب جدًا. وتم نقل هذه الكتل الضخمة من محاجر بعيدة، في رحلة طويلة ومعقدة عبر النيل والصحراء. تخيّل كم كانت هذه المهمة صعبة في وقت لم تكن فيه آلات حديثة!
وما قصة اسم "ممنون"؟
الغريب أن اسم "ممنون" ليس مصريًا. جاء من الإغريق، الذين زاروا المنطقة بعد قرون، وسمعوا أن أحد التمثالين يُصدر صوتًا غريبًا عند شروق الشمس. فظنوا أن هذا صوت "ممنون"، البطل الأسطوري الذي قُتل في حرب طروادة، وكانت أمه، إلهة الفجر، تبكي عليه كل صباح. ومن هنا جاء الاسم.
رغم كل شيء... ما زالا واقفَين
ورغم الزلازل، والفيضانات، وعوامل التعرية، ما زال التمثالان صامدين حتى اليوم. صحيح أن أجزاء منهما تعرضت للتلف، لكنك ما زلت تستطيع رؤية ملامح وجه الفرعون وتفاصيل ثيابه.