غودايفا امرأة نبيلة من إنجلترا

 


في أعماق العصور الوسطى، حين كانت المدن تئنّ تحت وطأة الضرائب القاسية والجباية المستمرة، وُلدت أسطورة لا تزال مثيرة وملهمة حتى يومنا هذا. إنها أسطورة السيدة غودايفا، النبيلة التي كسرت القواعد وواجهت التحدي الصعب لإنقاذ شعبها من ظلم زوجها، لتصبح رمزًا للشجاعة والإيثار في مواجهة الطغيان.


كانت غودايفا امرأة نبيلة من إنجلترا، متزوجة من اللورد ليوفريك، حاكم كوفنتري القاسي، الذي فرض ضرائبًا مرهقة على أهل المدينة، حتى أصبحوا يعيشون في فقر ومعاناة دائمة. لم تستطع غودايفا أن تغض النظر عن حال شعبها، فتوسلت إلى زوجها مرارًا ليخفف عنهم، لكن عناده جعلها تصطدم بجدارٍ من الرفض القاسي. وفي محاولة منه لإثنائها عن الطلب، فرض شرطًا بدا وكأنه مستحيل القبول: "إذا كنتِ تريدين أن أخفف الضرائب، فعليكِ أن تجوبين شوارع المدينة عارية!"


ظنّ اللورد ليوفريك أن الطلب كافٍ لإحباط غودايفا ومنعها من تكرار طلبها. لكنه لم يكن يعلم أنها تحمل روحًا مليئة بالإرادة والعزم. قبلت غودايفا التحدي، وقررت أن تُضحي بكرامتها الظاهرية في سبيل تخفيف معاناة شعبها.


في صباح اليوم المحدد، امتطت غودايفا حصانها، مرتدية شعرها فقط ليغطي جسدها، وسارت في شوارع المدينة صامتة وملتحفة بشجاعة لا مثيل لها. لكن المفاجأة الكبرى جاءت من أهل المدينة أنفسهم؛ فقد علموا بعزمها على هذه التضحية، وقرروا احترامها وتقدير شجاعتها، فأغلقوا نوافذهم وأداروا ظهورهم، مفضلين تجنب النظر إليها لتبقى كرامتها محفوظة.


أصبح مشهد غودايفا وهي تسير في المدينة صامتة، متحديةً الصعاب، من أعظم لحظات التضحية والإيثار التي تحكى عبر الزمن. وأثبت أهل كوفنتري بتصرفهم أنهم شعب نبيل يحترم تضحية من تقف إلى جانبهم، مما أضفى بعدًا أسطوريًا على القصة.


أمام هذه التضحية الكبيرة، لم يكن لدى اللورد ليوفريك خيار سوى تنفيذ وعده، فخفف الضرائب، وعمّت البهجة المدينة بفضل تضحيات غودايفا وشجاعة شعبها.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url